مقالات متنوعة

طوق النجاة

بقلم د.زينب حلبي

نلاحظ في السنوات الأخيرة أن العالم قد تغير من حولنا، وقد تسارعت الأحداث بوتيرة مطردة، فقليلا ما ينعم البشر بلحظات الهدوء التي تعودنا عليها سابقاً، أقصد قبل الاندماج خلال العالم الإلكتروني الذي يحيط بنا، بل ويسيطر علينا بشكل نلمسه جميعا.

 فمَن منا لا يلاحظ أن الهاتف المحمول صار جزءا لا يتجزأ من حياته اليومية، ومن الصعب التخلي عنه بصورة كاملة، ومجرد فكرة الابتعاد عنه أصبحت مستحيلة ومفزعة. فالكثيرون يعتمدون عليه في تسيير أعمالهم فضلاً عن استخدامه في التسلية ومعرفة الأخبار واللعب أحياناً.

وهذا التعلُق المرضي له آثاره الجانبية الخطيرة، ومنها فقدان السكينة والهدوء النفسي والسقوط في بئر القلق والتوتر، كما يعاني كل من يستخدمه بصورة مكثفة من ضعف البصر، وفقدان التركيز والتشتت بسبب الإلهاء كما يشير المتخصصون. 

ولا ننسى خطر الألعاب الكترونية التي تودي بحياة البشر، وتخضعهم إلى أوامرها الخطيرة، وتسيطر على عقولهم فتغيبها، وتدفع بهم أحيانا إلى الانتحار وغالبيتهم من الشباب والمراهقين. كما إنه كان سببا مباشرا في قطع صلة الرحم، وتفكيك الروابط الأسرية، فلم يعد هناك وقت للسؤال عن الأهل والأقارب كالسابق.

الخروج من هذه الحالة المستعصية يتطلب الكثير من الإرادة والرغبة الصادقة في ذلك، والتحلي بالصبر على الآثار النفسية التي تترتب على هذا.

لا ندعو إلى مقاطعته تماما فهذا حاليا مستحيلا، ولكم التعقل في استخدامه، وعدم الاعتماد عليه في كافة شؤون الحياة، فالاعتدال في استخدامه، وتحديد ساعات لذلك هام جداً، وألا تدع الأسر الهواتف في يد أطفالها منذ نعومة أظافرهم، بل تحديد سن التعامل معه حتى يتسنى لهم تركه وقتما شاءوا فيتحكمون فيه بدلا من تحكمه فيهم.

وأرى أن اللجوء إلى الدين هو الحماية الحقيقية من كل ما يؤذي البشر، كما أن التمسك بتعاليمه التي تدعو إلى عدم إضاعة الوقت ومعرفة قيمته في خدمة الفرد والمجتمع له دور فعال في الخلاص من التحكم في البشر بهذا الجهاز وعلى ذلك ندرك أن هذا هو طوق النجاة الحقيقي.

بقلم د. زينب حلبي

اظهر المزيد

د. زينب حلبي

مؤلفة وشاعرة مصرية معاصرة، بدأت الكتابة في الطفولة، حاصلة على بكالوريوس الطب البيطري جامعة الاسكندرية عام 1995. من أعمالي: رواية هدير الامواج، رواية صرخة ألم، كتاب رسائل من القلب وديوان فراق الروح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق