لاشك أن الواقع المعاصر بكل مافيه من أزمات اقتصادية وتطورات سياسية وتغيرات فى أنماط الحياة بصفة عامة له تأثير أيما تأثير على الواقع الأدبي في العالم العربي. فهل اقتناء الكتب والمطبوعات الورقية من المواطن العادي مثل الماضي؟ لا أظن. فللأسف حدثت طفرة تكنولوجية في العالم الالكتروني غيرت الكثير من سلوكيات البشر، وحدت بهم نحو الجنوح إلى العالم الافتراضي، متغاضين عن هواية القراءة التي كانت جزءا لا يتجزأ من حياتهم في السابق. وانتشرت من جراء ذلك أنماط سلوكية غريبة عن المجتمع أفسدت الذوق العام وجعلت المادة هدف من لاهدف له، ليقوم بجمع الأموال بأى سبيل متناسي كالقيم وضاربا بالمبادىء عرض الحائط. تأثرت بلا شك الحياة الأدبية، وتعددت طرق النشر والتوزيع للكتب فازداد عددها، وتغير محتواها، فأصبح القيم منها قليل، بينما عزف القراء عن اقتناء الكتاب الورقي مفضلين مايتم قراءته عبر الشاشات عن طريق نظام (pdf) فحدثت أزمة بالفعل لسوق الكتب حيث تراكم آلاف منها على الأرفف في المكتبات، فصار توزيعها اصعب من ذى قبل. ومع التغيرات الإقتصادية العالمية ارتفعت أسعار الأوراق والأحبار وتكاليف الطباعة، وتحول النشر إلى عملية خاسرة في كثير من الأحيان. فهل ياترى المستقبل يحمل إلينا ولو بارقة أمل لتتغير معطيات إنتاج الكتاب في الغد أم سيندثر الكتاب الورقي كما يدعي البعض؟ أظن أن ذلك مستحيل، فلا يمكن أن نأمن لأفكارنا وعصارة قلوبنا من كتب أن تظل محفوظة داخل أجهزة الحاسوب ويمكن محوها بكبسة زر واحدة.
تم نشر المقال في جريدة منبر التحرير
